هل هو الخوف من اللغط..تجميد صفقات عمومية في آخر لحظة..

العاصمة بريس /الرباط

في خطوة غير متوقعة، تم خلال الأيام الأخيرة تجميد عدد من الصفقات العمومية التي كانت في مراحلها النهائية، بعدما أصدر بعض الوزراء تعليمات مباشرة إلى الإدارات التابعة لهم بعدم نشر محاضر نتائج الصفقات وتأجيل الإعلان عنها إلى إشعار آخر.

ووفق معطيات موثوقة، فإن هذه الصفقات كانت ستمنح إلى شركات اعتادت الاستحواذ على مشاريع حكومية، تتعلق خصوصا بـتنظيم التظاهرات الرسمية، وحفلات الاستقبال، وعمليات كراء السيارات بأسعار مرتفعة، وهي مجالات طالما أثارت الجدل بسبب شبهات الهدر المالي وضعف المردودية.

مصادر متابعة اعتبرت أن هذا القرار يأتي في سياق سياسي حساس، حيث تسعى الحكومة إلى تفادي أي موجة انتقادات جديدة قد تضعها في مرمى الغضب الشعبي، خاصة في ظل استمرار حراك “جيل زد” الذي زاد من حدة النقاش العام حول الشفافية والعدالة الاجتماعية ومحاربة الفساد.

ويبدو أن هاجس الرأي العام والانتخابات المقبلة كان عاملا حاسما في قرار التجميد، إذ يخشى بعض الوزراء أن تستغل هذه الصفقات “المثيرة للجدل” في حملات انتخابية مبكرة، أو أن تتحول إلى رمز جديد لسوء تدبير المال العام في فترة تتطلب قدرا عاليا من الانضباط المالي والسياسي.

في المقابل، تشير مصادر من وزارة الاقتصاد والمالية إلى أن مصالحها تعاملت بـ“صرامة” مع طلبات بعض القطاعات الحكومية التي سعت إلى رفع الاعتمادات المخصصة للنفقات الثانوية، مثل الفنادق، والاستقبالات، وتنظيم المناسبات الرسمية، مؤكدة أن مشروع قانون مالية 2026 سيقتصر في هذا الباب على الإنفاق الضروري فقط.

ورغم أن القرار يقدم رسميا كجزء من سياسة ترشيد النفقات، إلا أن توقيته وطريقة تنزيله يثيران أكثر من علامة استفهام، فهل يتعلق الأمر بخطوة إصلاحية حقيقية نحو الشفافية وترشيد المال العام؟ أم أنه مجرد تحرك سياسي تكتيكي لتفادي أي جدل يمكن أن يشعل الرأي العام في مرحلة حساسة؟ وهل ستستمر هذه الصرامة إلى ما بعد السنة الانتخابية، أم ستذوب مع تغير المزاج السياسي؟

أسئلة مفتوحة تلقي الضوء على علاقة معقدة بين المال والسياسة في تدبير الشأن العمومي، وتعيد إلى الواجهة مطلبا قديما بتقوية آليات الرقابة والمساءلة، حتى لا تبقى الصفقات العمومية رهينة التوازنات الظرفية أكثر من المصلحة العامة.

المصدر : المستقل




شاهد أيضا
تعليقات الزوار
Loading...