قيم النهضة والفضيلة في الممارسة السياسية

العاصمة بريس الرباط
الأستاذة حفيظة مقساوي/ محامية بهيئة الرباط
قيم النهضة والفضيلة في الممارسة السياسية
ان السياسة في معناها الاصيل ليست وسيلة للهيمنة او الصراع على السلط، بل هي فن خدمة الناس وتحقيق مصالحهم وصون كرامتهم ،
فالسياسة حين تنفصل عن القيم تفقد روحها وتتحول إلى لعبةمصالح ومناورات لا تثمر الا فسادا واحباطا، لذلك فان قيم النهضة والفضيلة هي التي تمنح العمل السياسي معناه النبيل وتجعله طريقا لبناء الاوطان لا لهدمها،
فحين نتحدث عن النهضة، فاننا لا نعني فقط المصانع والمباني والطرق، بل نقصد قبل كل شيء نهضة الانسان في فكره وضميره وسلوكه، فالامه لا تنهض الا اذا حمل ابناؤها قيما راسخة في العدل والصدق والاخلاص، والاحساس بالمسؤوليه تجاه الوطن والمجتمع
والسياسة جزء من هذه النهضة، هي وجهها الاوضح لانها تمس حياةالناس اليومية وتوجه مسارهم العام.
فالسياسةالفاضلة هي التي تنطلق من الضمير لا من المصلحة الضيقة ، وهي التي ترى في السلطه تكليفا لا تشريفا، وخدمةلا غنيمة.
فالسياسي الفاضل هو الذي يجعل من الكرسي وسيله للبناء لا سلما للاثراء.
ان السياسة الاخلاقية لا تنفصل عن مفاهيم العدالة والشفافية والمحاسبة ، فهي تؤمن بان كل قرار سياسي يجب ان يراعي ضمير الامة ومصلحة المواطن قبل ان اعتبار اخر.
فالعدل هو الاساس لانه يزرع الثقه بين الحاكم والمحكوم، ويمنح المواطنين شعورا بالانصاف والانتماء،
والصدق في القول والفعل هو ما يجعل الخطاب السياسي نزيها ومقنعا.
والنزاهه تضمن ان تكون القرارات لخدمة الناس لا لخدمة فئة بعينها، والشفافية تفتح الابواب امام المساءله وتمنع الفساد.
والكرامه الوطنيه تقتضي استقلال القرار والاعتماد على الذات والابتعاد عن كل اشكال التبعية.
صحيح ان الواقع السياسي في كثير من البلدان لا يخلو من تحديات، كالمصالح الشخصية، وضعف الوعي العام والفساد الاداري، لكن مواجهة هذه التحديات لا تكون بالياس، بل باحياء القيم في الخطاب والممارسة، وبناء جيل جديد يؤمن بان السياسة يمكن ان تكون ميدانا للفضيلة والنهضة معا.
اننا بحاجة الى سياسة تدار بالعقل وتضبط بالقيم،سياسية تجعل من الاخلاق بوصلة ومن خدمة الناس هدفا، فالسياسي يتحرك بضمير، ويخاطب الناس بصدق ويضع مصلحه وطنه فوق كل اعتبار، هو القادر على صنع نهضة حقيقية تستمر و تزدهر.
ان قيم النهضة والفضيلة ليست حلما بعيدا، بل هي الطريق الوحيد لبناء مجتمع قوي وعادل، فاذا صلحت السياسة صلح المجتمع، واذا اجتمعت الاخلاق مع السلطة سادت العدالة وارتقى الانسان.
فلنجعل من القيم نهجا ، ومن الفضيلة سبيلا ، ومن النهضةهدفا مشتركا، حتى تكون السياسة في اوطاننا مراة للكرامة والوعي ، لا ميدانا للصراع والمصالح .