الشغب الرياضي..حين يتحول الملعب من فضاء للفرجة الى ساحة للعنف

العاصمة بريس الرباط

شهدت مباراة الدشيرة والكوكب أحداث شغب مؤسفة، تمثلت في تكسير كراسي الملعب والاعتداء على رجال الأمن والقوات المساعدة، وهو مشهد لا يشرف الرياضة الوطنية، خصوصاً ونحن مقبلون على استحقاقات رياضية كبرى تتطلب صورة حضارية تعكس وجه بلدنا الحقيقي. هذه السلوكات العنيفة لا تمس فقط بسمعة الرياضة المغربية، بل تضرب في العمق صورة الوطن ككل، وتسيء إلى تجهيزات رياضية صرفت عليها أموال طائلة من ميزانية الدولة، أي من جيوب دافعي الضرائب الذين نجد بينهم في مفارقة مؤلمة آباء وأمهات أولئك المشاغبين أنفسهم.

إن الظاهرة لم تعد مجرد أحداث معزولة مرتبطة بمباراة معينة، بل تحولت إلى ناقوس خطر يدق بقوة، ليطرح أسئلة عميقة حول دور الأسرة، والمدرسة، والمجتمع في تربية النشء وغرس قيم الروح الرياضية والانضباط. فالملاعب ليست ساحة لتفريغ العنف والكبت، وإنما فضاء للتشجيع الحضاري والتلاقي الإيجابي بين الجماهير.

لقد آن الأوان لإعادة النظر في أساليب التربية ومناهج التعليم، بشكل يجعلها تركز أكثر على بناء شخصية متوازنة، تقدر قيم الاحترام والتعايش وتنبذ العنف. كما أن دور الآباء والأمهات يظل محورياً في هذا المسار، إذ تقع على عاتقهم مسؤولية زرع ثقافة المسؤولية والانتماء في نفوس أبنائهم منذ الصغر، حتى لا يكونوا غداً جزءاً من مشهد مخجل يهدم ما يبنيه الآخرون.

مقترحات عملية للحد من الشغب الرياضي

برامج للتوعية: تنظيم حملات موجهة للشباب والجماهير الرياضية، تُبرز مخاطر الشغب وآثاره السلبية على صورة البلد واقتصاده.

تعزيز دور الجمعيات الرياضية والثقافية: من خلال إدماج الشباب في أنشطة بديلة، تساعد على توجيه طاقتهم نحو الرياضة والإبداع بدل العنف.

صرامة قانونية: تطبيق العقوبات بصرامة على المتورطين في أعمال الشغب، بما في ذلك المنع من دخول الملاعب لفترات محددة، مع تحمّل المسؤولية المادية عن الخسائر.

تأهيل المدرجات: تخصيص فضاءات خاصة بالعائلات والأطفال داخل الملاعب، لخلق جو يسوده الطابع العائلي ويحدّ من مظاهر العنف.

دور الإعلام: تشجيع الخطاب الإعلامي الذي يروج لقيم الروح الرياضية والتشجيع النظيف، بدل تأجيج التعصب بين الجماهير.

إدماج التربية الرياضية في المناهج التعليمية بشكل أعمق: ليس فقط كمادة بدنية، بل كمنظومة قيمية تسهم في تكوين مواطن مسؤول.

إن الشغب الرياضي ليس مجرد أحداث عابرة تُنسى بانتهاء المباراة، بل هو جرح عميق في جسد الرياضة الوطنية وصورة البلد. ولذا فإن إصلاح الأمر يبدأ من البيت والمدرسة، ويمتد إلى الإعلام والملعب والقانون. فإذا أردنا لملاعبنا أن تظل فضاءً للفرجة والمتعة، فعلينا أن نربي أبناءنا على أن الرياضة أخلاق قبل أن تكون منافسة، وأن التشجيع حضارة قبل أن يكون هتافاً.




شاهد أيضا
تعليقات الزوار
Loading...