الدراجات النارية تحت المقصلة تمرين انتخابي على حساب المواطن”

العاصمة بريس الرباط
بقلم منير نافيع
لم يحتج المواطن المغربي اليوم إلى كثير من الذكاء لفهم أن الحملة الأخيرة التي استهدفت أصحاب الدراجات النارية لم تكن سوى مناورة سياسية بلبوس أمني، أرادت الحكومة تحويلها إلى “إنجاز” يسوق انتخابياً. كيف يعقل أن تتحرك آلة الدولة بكل قوتها لملاحقة أضعف الفئات الاجتماعية، لتأتي بعدها حكومة عزيز أخنوش متدخلة في الوقت بدل الضائع، مانحة مهلة سنة وكأنها تتفضل على المواطن بصدقة سياسية.
الضرر الاجتماعي والغضب الشعبي
تحولت الحملة إلى ضجة وطنية، أشعلت مواقع التواصل الاجتماعي وأثارت الرأي العام داخل المغرب وخارجه. اللافت أن الحكومة لم تنتبه إلى خطورة الإجراءات إلا بعد أن أصبح الموضوع محور نقاش يومي في الشارع، وكأنها لم تكن تعرف حجم الضرر الاجتماعي الذي يلحق بالآلاف من الشباب الذين يعتمدون على الدراجات النارية لكسب رزقهم، سواء في التوزيع أو النقل أو غيره.

إذا كانت الحكومة جادة في فرض القانون، فلماذا لا تبدأ من الأصل. لماذا لا تحاسب المستوردين وأصحاب البواخر الذين يدخلون هذه الدراجات. ولماذا لم تحرك ساكناً تجاه شبكات التوزيع الكبرى التي تضخ في السوق دراجات مشكوك في صلاحيتها. بل إن مصالح المراقبة التقنية تمنح أوراقا رسمية لهذه الوسائل، ليقع العبء بالكامل على المواطن البسيط. النتيجة: المواطن الضعيف هو الضحية، بينما المستفيدون الحقيقيون يواصلون أرباحهم في صمت.

التراجع الذي أعلنته الحكومة لم يكن قرارا نابعا من وعي اجتماعي أو إحساس بمأساة المواطن، بل كان تمرينا انتخابيا مكشوفا. المشهد رُسم بعناية: حملة أمنية قاسية خلقت الغضب، ثم تدخل حكومي “رحيم” منح مهلة للتأقلم، ليظهر أخنوش في صورة الرجل الذي يهتم بالشعب. إنها صورة مصطنعة تسعى إلى شراء التعاطف قبل الانتخابات، لكنها في العمق استهانت بذاكرة المواطن واستغلت معاناته.

قانون للجميع، لا للضعفاء فقط
القانون يجب أن يطبق على الجميع، لا أن يختزل في مواجهة الفئات الهشة فقط. حين يتشدق الوزراء بالصرامة تجاه “مخالفات المواطن”، يغضون الطرف عن الشركات الكبرى التي غمرت السوق بدراجات رخيصة وبدون معايير أمان. أي مصداقية تبقى لقانون يطبق على الضعيف ويعفي القوي. وأي معنى لدولة تعتبر مواطنيها مجرد حائط قصير تصلح فوقه ما تراكم من فساد إداري واقتصادي.

لقد سقط القناع: حكومة أخنوش لم تتحرك حبا في المواطن، بل لتسويق صورة انتخابية واهية. المواطن المغربي اليوم لم يعد يقبل أن يُستعمل أداة في بروباغندا سياسية رديئة. هو يعرف جيدا أن الحكومة التي لم تجرؤ على مواجهة لوبيات الاستيراد والتوزيع، ليست حكومة حامية لحقوقه، بل سلطة تختبئ وراء القوانين لتجلد الضعفاء وتكافئ الأقوياء.




شاهد أيضا
تعليقات الزوار
Loading...