ظاهرة تشغيل الأطفال في المغرب: تساؤلات حول توفير الحماية القانونية والاجتماعية

ميلودة جامعي
تُعد ظاهرة تشغيل الأطفال ظاهرة مؤلمة ومقلقة تواجهها المجتمعات في جميع أنحاء العالم، وتُعتبر من أكبر التحديات التي تواجه حقوق الطفل. وتتفاوت أسباب تشغيل الأطفال وظروفهم من بلد إلى آخر، ولكنها في كثير من الأحيان تتجذر في الفقر والتهميش الاجتماعي وسوء الحوكمة. يعاني المغرب من هذه الظاهرة أيضًا، وتطرح تساؤلات هامة حول توفير الحماية القانونية والاجتماعية لهؤلاء الأطفال المشتغلين.
تُعد الفقر والتشرد أحد أبرز العوامل التي تدفع الأطفال إلى العمل في سن مبكرة في المغرب. فعلى الرغم من التقدم الاقتصادي الذي شهده المغرب في السنوات الأخيرة، إلا أن الفقر لا يزال يؤثر على حياة العديد من الأسر، ويضعها في حالة يأس تدفعها إلى استغلال أبنائها في العمل بدلاً من الحصول على تعليم جيد وحياة كريمة. بالإضافة إلى ذلك، يواجه الأطفال الذين يعملون تحديات عديدة مثل سوء المعاملة والاستغلال وعدم وجود ضمانات صحية وسلامة في أماكن العمل.
من الناحية القانونية، توفر المغرب تشريعات تحظر تشغيل الأطفال وتحمي حقوقهم. ففي عام 2006، صدر قانون العمل رقم 19-12 الذي ينص على حظر تشغيل الأطفال دون سن الـ 15 سنة، ويحظر استخدام الأطفال في الأعمال الخطرة. كما يلزم القانون أيضًا صاحب العمل بتوفير بيئة عمل آمنة وصحية للعمال القصر. ومع ذلك، تبقى التحديات الرئيسية تتمثل في تطبيق هذه القوانين وتوفير آليات فعالة للرقابة والتفتيش على أماكن العمل.
إلى جانب الحماية القانونية، يتطلب حل مشكلة تشغيل الأطفال في المغرب توفير حماية اجتماعية شاملة لهؤلاء الأطفال وأسرهم. يجب توفير برامج توعوية تسلط الضوء على حقوق الطفل والتأكيد على أهمية التعليم والتنمية الشاملة للطفل. يجب أن تتعاون المؤسسات الحكومية والمجتمع المدني لتوفير برامج دعم اجتماعي واقتصادي للأسر المحتاجة وتوفير فرص عمل آمنة وكريمة للبالغين، حتى يتمكنوا من تلبية احتياجات أسرهم بشكل لائق دون استغلال الأطفال.
بصفة عامة، تشكل ظاهرة تشغيل الأطفال تحديًا كبيرًا للمغرب وللمجتمع الدولي. يجب أن تكون الجهود المبذولة لمكافحة هذه الظاهرة شاملة ومتعددة الأوجه، تتضمن تشريعات صارمة وفعالة، وتوفير حماية اجتماعية للأطفال وأسرهم، وتعزيز الوعي والتثقيف حول حقوق الطفل وأهمية التعليم والتنمية الشاملة. إن الاستثمار في مستقبل الأطفال هو استثمار حقيقي في مستقبل المجتمع بأسره، ويجب أن يكون تحقيق حقوق الطفل وحمايتهم من التشغيل هدفًا أساسيًا للدولة والمجتمع.




شاهد أيضا
تعليقات الزوار
Loading...