هذا هو الرجل العالم المتيم بالكتب”

خليفة مزضوضي مدير أكاديمية الأنطاكي الدولية الخاصة للبحث والتدريب والابتكار والتنمية وتنميةالقدرات….!!!

“محمد عبد الحيّ بن عبد الكبير الكتانيّ الإدريسيّ واحد فاس، وكبير مراكش، والعلمُ الشامخُ بين أعلام الأمّة الإسلامية في هذا العصر ما بينَ الصينِ إلى رباط الفتح من المغرب الأقصى..
ولهذا الرجل إحساس علميٌّ عجيب، فهو لا يكادُ يسمعُ بأديب أو فقيه أو عالم أو فيلسوف إلَّا حنَّ إليهِ وقلقَ إلى رؤيتهِ، ورغب في التحدث إليه وسبر غوره، فلا تصرفهُ شواغله وهو في دار الغربة عن أن يقدم أهل العلم -أيًّا كانوا- بالزيارة بل تراه يبدؤهم بها. ويرحل من بلد إلى بلد لأن فيهِ عالمًا جليلًا قد قرأ آثاره أو سمع بهِ.
فمن أجل هذا الإحساس العلميّ المركّب فيهِ أتيح له أن يجمع مكتبة في داره بفاس تُعَدُّ من أغنى المكاتب الخاصة وأنفسِها في العالم العربي كلّهِ، فيها من النفائس والنوادر والغرائب ما لا يوجد في غيرها. وهو لا يكاد يسمع بكتابٍ نادرٍ حتى يسارع إلى استنساخهِ أو تصويره بالفوتوغراف. وها هو قد نزل مصر فجمع من شوارد المخطوطات ونوادرها أشياء كانت بين سمع دور كتبنا وبصرها ثم غفلت عنها. ويجلس هذا الرجل في نُزُله فيأتيهِ الوراقون بالمخطوطات حديثها وعتيقها فما يفتح أحدها حتى يعرف ما الكتابُ ومن صاحبهُ ويفرح بالكتاب النادر فرح الذي ضنَّ عليهِ الزمن طويلا ثم جاد. وبالله أشهد صادقًا لكأنى أرى الكتاب بين يديهِ يكاد يحنُّ إليهِ حنين القلب الممزق المفطور إلى سبب من أسباب سلوته وراحته، ولكأني أراهُ يمسك الكتاب براحته كما يمسك أحدنا الشيء فيهِ من آثار قلبهِ وحبهِ وآماله ورغباتهِ ما فِيه، ويلقي عليهِ نظرةً عاطفة تكاد تحييهِ من عطفها وحنانها وحدَبها وأشواقها.
هذا هو الرجل العالم المتيم بالكتب”
على لسان الأديب محمود شاكر، مجلة المقتطف المصرية شهر أبريل، 1933




شاهد أيضا
تعليقات الزوار
Loading...