على هامش انتحار أحد معتقلي خلية شمهروش

العاصمة بريس الرباط.

الاستاذة المحامية حفيظة مقساوي

على هامش انتحار أحد معتقلي خلية شمهروش
صبيحة يوم الثلاثاء 28 فبراير 2023، أعلنت المندوبية العامة لإدارة السجون وإعادة الإدماج عن انتحار المسمى قيد حياته (ع. خ) ، وهو أحد معتقلي خلية شمهروش، وأوضح بلاغ للمؤسسة السجنية -السجن المحلي بوجدة- أن السجين أقدم على فعله هذا باستخدام قطعة قماش انتزعها من ملابسه وربطها إلى نافدة الغرفة التي يقيم بها، وقد تم إبلاغ النيابة العامة و عائلة السجين الهالك بالوفاة.
بعد أن كلفت بالدفاع عن منفذي عملية قتل السائحتين الأجنبيتين أو ما يعرف بخلية شمهروش، الذين تابعهم السيد قاضي التحقيق حسب قرار الإحالة من أجل تكوين عصابه لاعداد و ارتكاب أفعال إرهابية الاعتداء عمدا على حياة الأشخاص مع سبق الاصرار و الترصد، المساهمة و المشاركة في الاعتداء عمدا على حياة الأشخاص، مع سبق الاصرار و الترصد، ارتكاب أعمال وحشية لتنفيذ فعل يعد جناية، حيازة و استعمال أسلحة خلافا لأحكام القانون في إطار مشروع جماعي يهدف إلى المس الخطير بالنظام العام بواسطة التخويف و الترهيب و العنف و محاولة الالتحاق بشكل جماعي، وفي إطار تنظيم إرهابي وتحريض الغير و إقناعه بارتكاب أفعال إرهابية والإشادة بتنظيم إرهابي و الدعاية و الترويج لفائدته، وعقد اجتماعات عمومية بدون ترخيص مسبق، و ممارسة نشاط في جمعية غير مرخص لها وفقا للقانون 03/03 من قانون الإرهاب و الفصول 393. و 394و 399و 114و 154و 156من القانون الجنائي و الفصول 5و 8من ظهير تأسيس الجمعيات .
و بعد جلسات ماراطونية، تم الحكم عليهم ابتدائيا بالاعدام و بالنسبه ل( ع. خ) السجن المؤبد، هذا الحكم الذي تم تأييده مع تعديل العقوبه ورفعها إلى الإعدام استئنافيا في حق (ع .خ).
قمت بزيارة لهم في المؤسسات السجنية التي كانوا مقيمين بها في إطار المخابرة معهم ، و من بينهم المسمى قيد حياته (ع. خ)، والذي استغرقت مخابرتي معه قبل النطق بالحكم الابتدائي مدة ساعتين. طوال مخابرتي معه لم يكف عن البكاء، معربا عن ندمه و أسفه لانخراطه في هذه الخلية و المتشبعة بالفكر الظلامي، و ندمه كذلك عما قام به ، علما أنه شارك في الأعمال التحضيرية جميعها، إلا لحظة التنفيذ لم يشارك فيها. و عن سؤال له عن الأسباب الرئيسية التي ساهمت في تشبعه بهذا الفكر المتطرف،
كانت أجوبته كلها لا تدور حول دوافع الفقر و البؤس و الجهل و الأمية، يعني أنه ينتمي إلى بيئة اجتماعية غير سليمه، تخرج أفواجا من المرضى فاقدي التوازن من نواحي شتى و عديدة. فأعضاء هذه الخلية و من على شاكلتهم، ينتمون إلى هذه البيئة الاجتماعية الهشة و غير المحصنة بوعي ديني، و لا تمتلك القدرة على التمييز بين المعقول و اللامعقول، فتكوينهم الأكاديمي ضعيف جدا، لا يمكنهم من أبسط مستويات التواصل ، بمعنى أن المجتمع تجاوزهم و فأصبحوا على هامش الوعي المجتمعي و الجماعي .
و هؤلاء يكونون الفئة الأكثر هشاشة و قابلية للأفكار المتطرفة، خصوصا وأن الفكر المتطرف لايقدم نفسه كفكر متطرف وإنما يقدم نفسه عبر مجموعة من الآليات الاقناعية. والذين يقومون بهذا الأمر هم عادة أشخاص متمرسون في غسل الدماغ عن بعد. و هذه الفئة هي الضحية الأولى لهذه الأفكار في العالم بأسره، و في كل الأديان، و في كل الثقافات.
كذلك هذه الفئة، بحكم تكوينها الضعيف جدا، تتعاطى مع بعض الكتب الصفراء التى جعلت أفرادها يميلون ميلا عميقا إلى التسلط ،و يحاولون أن يستغلون المقدس في ممارسة المدنس،كما يجعلون الله شاهد زور على اقوالهم و افعالهم ، فهم يتحدثون عن الاسلام و المسلمين دونما علم أو فقه، وينكرون حدود إمكانياتهم، و يعتبرون أنفسهم أقرب البشر إلى الله، و أنهم يملكون قوة الهية تميزهم عن باقي فئات المجتمع، حيث يمتزج لديهم النزوح الى العنف بالفكر الديني.
كذلك، نجد من بين الأسباب و المؤثرات التي ساهمت في بلورة الفكر المتطرف لديهم، غياب المرجعية الدينية و تراجع دورها الايجابي في التحصين والإصلاح. فهم متسبعون بفكر سلفي متطرف يستبيح الدماء و يستحل الأعراض باسم الدين كشريعة وباسم التدين.
تكمن المشكلة عند هؤلاء في سوء فهم تعاليم الدين الاسلامي و التطرف في تطبيقها و التشدد في ممارستها.
فكل هذه الأسباب تؤدي إلى زعزعة النظام المجتمعي والأمان النفسي الذي يعد من أهم الضروريات الانسانية لدى البشرية جمعاء، و هو من مقاصد الشريعة التي أمرت بحفظ النفس .
خلاصة القول، أن هؤلاء لم يحضوا بالامن أو الرعاية في طفولتهم، يوجهون عداءهم نحو شخص أو جماعة يصفونها بأنها العدو، و معظمهم أصحاب نفوس مريضة ذهانية لا يبالون و لا يخشون ارتكاب الاثام و انتهاك المحرمات. وهذا ما يؤكد على ضرورة إحالتهم على خبرة طبية لدى متخصصين نفسيين قصد التشخيص والعلاج. وهذا قد يكون له تأثير على طبيعة الأحكام القضائية تجاه هؤلاء ، لكنها لا ترفع عنهم المسؤولية الجنائية.

فالمتهم (ع. خ)، الذي أقدم على الانتحار، خير دليل على ذلك، فمن المؤكد أنه عانى من اضطرابات نفسية، سواء قبل مشاركته مع الخلية في العملية الإرهابية، أو بعد الحكم عليه بالاعدام.




شاهد أيضا
تعليقات الزوار
Loading...