نبذة من سيرة إيملي البريطانية التي خطفت قلب شريف وزان (2)

خليفة مزضوضي مدير مكتب جهة مراكش آسفي
لمحبي القراءة التاريخية .
نبذة من سيرة إيملي البريطانية التي خطفت قلب شريف وزان (2)
عندما حلت إميلي كين بمدينة طنجة لم تكن تتوقع قط أن قصة حياتها ستنتهي بالزواج من زعيم أحد أكبر الزوايا في مغرب النصف الثاني من القرن 19. قالت في كتابها “تعودت أن ألتقيه وهو قادم من المدينة أو عائد إلى الجبل (حي الجبل الكبير)، حيث أقطن مع أصدقائي. مع مرور الوقت، عرفت أنه شريف وزان الكبير. في الحقيقة، لم يعن هذا لي شيئا كبيرا. تعرفت إليه أكثر في السهرات الموسيقية التي يحضرها. كنت متأكدة أنه يروق لي، فقد كان مختلفا عن باقي المغاربة الذين قابلتهم، لكن فكرة الزواج لم تخطر ببالي قط”، تقول إميلي كين عن الحاج عبد السلام. على الطرف الآخر، لم يكن الأمر مفاجئا لكبير شرفاء وزان، فمنذ مدة غادر مهد الزاوية نحو طنجة – بعدما طلق زوجاته المغربيات- عاقدا العزم على الاقتران بـأجنبية . منذ صغره، لم تكن ميولاته الأوربية تخفى على أحد. رفضت إميلي عرض الزواج، متحججة بدواعي دينية، إلا أنها سرعان ما أذعنت بعدما “عرفت أن الحياة ستكون مستحيلة لي من دونه”.
على الفور، أرسل الحاج عبد السلام سكرتيرته إلى لندن للحصول على موافقة والدي الفتاة البريطانية. “كانت المعارضة قوية جدا من جهة عائلتي ومن عائلته أيضا”، تقول إميلي. في الأخير حل الوالدان بطنجة، ووقع عقد الزواج أمام عدلين مسلمين، قبل أن يوثق مرة أخرى في المفوضية البريطانية تحت أعين جون دراموند هاي، سفير بريطانيا في المغرب. في عقد الزوج، فرضت إميلي شروطها: تعهدُ الشريف بعدم الزواج عليها، حقها في الاحتفاظ بديانتها، الاستقرار في مدينة ساحلية، ولوج أبنائها إلى التعليم، الاستفادة من حماية دولتها، ودفنها في بلدها بعد الوفاة. في مقابل ذلك، تقرر أن يتبع الأطفال ديانة والدهم: الإسلام. لم يكن الزواج من امرأة غير مسلمة أمرا عاديا في النصف الأخير من القرن التاسع عشر، ناهيك أن يصدر هذا عن شيخ زاوية كبيرة. وسرعان ما تأكد شريف وزان من ذلك، فقد أبدى السلطان محمد بن عبد الرحمان معارضة شديدة للزواج، وقاد علماء القرويين من على منابرهم حملة قوية ضد شيخ الزاوية الذي لم يملك سوى الاحتماء رفقة زوجته بالمفوضية الفرنسية، حتى قبل أن يكمل زواجهما شهره الأول. في طنجة، بعث النائب السلطاني محمد بركاش إلى السفير البريطاني جون دراموند هاي رسالة ينبهه فيها بأن إميلي كين أصبحت منذئذ مغربية ويتوجب عليها الخضوع للقانون المغربي: “(…) بلغنا أن الشريف سيدي الحاج عبد السلام بن سيدي الحاج العربي الوزاني، تزوج بامرأة نصرانية إنجليزية، وتعين علينا إعلامك بأن المرأة المذكورة صارت الآن مراكشية (أي مغربية) بسبب تزويجها للشريف المراكشي، ولا يمكن الحكم عليها وعلى مطالبها إلا بحكم شريعة المسلمين. كما لا يخفاك أن كل أرض تتمشى على قوانين شرعها، وأعلمناك لتكون على بصيرة (…)”.
يتبع