مشردو الراشدية … في زمان كورونا
العاصمة بؤيس-الرباط
الراشدية مراسلة : يوسف الكوش
يعيش أكثر من 17 متشرد ومتشردة بمدينة الراشدية ، يكافحون مليا للحصول على لقمة العيش ، حيث أصبح فيروس كورونا تهديدا حقيقيا على حياتهم و بالكاد لا يمكنهم حماية أنفسهم في هذه الظرفية الاستثنائية
وأصبح مشردو الراشدية معدمين بالكامل في مواجهة هذا الفيروس اللعين الذي تباطأت الحياة بمدينتهم ، وباتت حياتهم أكثر صعوبة وأكثر رعبا ، في ظل تزايد حالات الإصابة بجهة درعة تافيلالت وإقليم الراشدية .
يجلس مشردون كثر بالمدينة كل في زاويته ( شارع مدغرة _ جردة المحطة الطرقية _ قصر تاركة القديمة _ ساحة الحسن الثاني ) ينتظرون من يمد لهم قوتهم اليومي من ماء وخبز …)
جريدة العاصمة بريس نزلت إلى الشارع الرشداوي وإلتقطت نماذج لبعض المشردين من أحياء وشوارع المدينة ، لتسمع لحكاياتهم ومعاناتهم اليومية ، في ظروف خاصة وإستثنائية بسبب كوفيد 19 وراء العديد منهم حكايات تدمي القلب وتحز في النفس عدد كبير منهم “ولاد عائلة” وقريين لكن غدر الزمان أوصلهم إلى الشوارع من بيت مع أمي … إلى زاية بشارع مدغرة
يعيش آحماد ( إسم مستعار ) منذ شهر فبراير الماضي بزاوية بشارع مدغرة ، يتخذ هذه الزاوية لطلب المساعدة من المارين بالشارع الرئيسي المؤدي إلى السوق الأسبوعي ( سوق الواد الأحمر ) ، فقصة آحماد غريبة ويحكي لنا بصعوبة :” كنت أعيش مع أمي ببيت واحد بعدما توفي أبي السنة الماضية بمرض الفشل الكلوي ، فقد شاءت الأقدار أن تصاب أمي بالسرطان ، التي كانت عاملة بأحد البيوت وهي المعيل الوحيد للأسرة ، فبعد مدة قصيرة توفيت وتركتني وحيدا ، كنت أعاني بسبب مرض نفسي ولا أقدر على العمل لأنني ملزم بالمكوث بالمنزل مرت الأيام وتراكمت سومة المنزل الذي أكتريه ، بعد مدة طلب مني صاحب المنزل إفراغه لأنني لا أتوفر على المال ،وفجأة وجدت نفسي خلال شهر يناير بالشارع
ويضيف :” كنت في بعض الأحيان أظل جائعا لمدة أربعة أيام خلال فترة حالة الطوارئ لأن من كان يعطف علي من مطاعم بالشارع كانت مغلقة ، وحاولت جاهدا الصبر وأقول ؛ هي فترة عابرة وسيكون مدبرها حكيم …
كورونا…. والحلم الضائع
يعيش مصطفى من إعانة أبناء حيه بتاركة القديمة الذين يعرفون حكايته بالتفاصيل المملة ، فخلال فترة الحجر الصحي ، أبناء حيه يقدمون له كل ما يحتاجه من أكل وشرب وأغطية ومصروف للجيب,,,
ويضيف مصطفى كذلك ” كل واحد كيعوني باش ما سخاه الله ” ، وبعض عائلات أصدقائي يمنحونني بعض المال لأنهم يعرفونني جيدا لا أتعاطى المخدرات .
أحد أصدقائه في الدراسة يحكي لنا بحسرة وتأثر ، فشاب مصطفى ذو 35 سنة كان مجتهدا في مساره الدراسي وحصل على شهادة الباكلوريا بميزة حسن وإلتحق بجامعة الحسن الثاني بالدار البيضاء ليحقق حلمه كمحامي لكن مأساة الشاب مصطفى ستبدأ بعد وفاة جميع أفراد أسرته في حادثة سير بين الراشدية وميدلت ، وهو الحدث الذي تسبب له في صدمة نفسية قوية جعلت إقباله على الحياة وحماسه لتحقيق حلمه تنطفيء.
مصطفى شخص منهار تماما ، يعيش في هذه الظرفية الاستثنائية يواجه الحياة لحماية نفسه من الفيروس اللعين وتوفير قوته اليومي لسد ظمأ بطنه…
مطعمة القطط … في زمان كورونا
نادية ( إسم مستعار ) لسيدة تعيش بزاوية بساحة الحسن الثاني ، ، حالتها استثنائية تصلح أن تكون لوحة تعبيرية حزينة ، نادية جاوزت 55 سنة ,فعلى مقربة من المجلس الجهوي للحسابات تجلس هذه الأخيرة بثياب رثة ، يبدو عليها التعب ، تحمل بين يديها كيسا بلاستيكيا يحوي على علب السردين ومناديل ممزقة …
فقصة العجوز نادية بدأت حين غادرت منزل زوجها بقصر أزمور خلال شهر مارس الماضي بعد العنف الذي أتعرض له كل يوم ، تحكي نادية التي تظهر عليها آثار التعنيف ” سئمت ضرب زوجي لي فقد أحببته حبا مجنونا لكنه كان يعاملني معاملة سيئة لأنني غير قادرة على الإنجاب
وتضيف بكلمات متقطعة : الشارع اليوم أرحم من البيت ، نعم أعيش فترة صعبة أحاول حماية نفسي من الفيروس القاتل وأحاول توفير بعض السمك والأكل لقططي التي أعتبرها فلذات أكبادي
وقبل أن تنهض وتغادر قالت وعينيها مرهقتين : ” الحياة ليست دائمة الوفاء … والله إعاونا على ساعتنا …. والله مكيضيع حتى واحد …. والله حنين ورحيم ” هذه كانت آخر جملها قبل أن تعبر إلى الجهة الأخرى من ساحة الحسن الثاني
Alassimapress.com