31 ماي اليوم العالمي للامتناع عن التدخين.. وقفة تأمل ..
العاصمة بريس
مصطفى الشباني
يخلد المغرب اليوم الإثنين 31 ماي اليوم العالمي للامتناع عن التدخين. هذه المناسبة السنوية التي من خلالها يتم الوقوف على مخاطر السجائر، حيث يعد هذا الأخير من أهم عوامل الاصابة بامراض من قبيل القلب والشرايين والسرطانات والأمراض التنفسية المزمنة.
يحتفل المغرب، على غرار بقية دول العالم، باليوم العالمي للامتناع عن التدخين، وهي المناسبة السنوية التي تدفع عدد من الهيئات إلى إطلاق حملات توعوية للتحسيس بخطورة السجائر، غير أن البعض يجد صعوبة في الإقلاع عن التدخين، وهو ما يعزى إلى مفعول المواد الكيماوية التي تتدخل في تصنيع التبغ.
مقاييس
لم يضع المغرب قانونا وطنيا يحدد مقاييس القطران والنيكوتين وأول أوكسيد الكاربون، علما أن القانون رقم 15-91 الذي يمنع الإشهار والترويج للتبغ في بعض الأماكن، يؤكد على أن مقاييس النيكوتين والقطران سوف تحددها الإدارة بنص تنظيمي.
وعمدت الحكومة في العام الماضي في الورقة التقديمة لمشروع القانون رقم 66.20 يتعلق بتغيير وتتميم القانون رقم 46.02 المتعلق بنظام التبغ الخام والتبغ المصنع، والذي صادق عليه مجلس الحكومة، إلى التأكيد، كما في القانون المعدل، على ضرورة تحديد نسب النيكوتين والقطران، والتي أضيفت إليهما في المشروع الجديد نسبة أول أوكسيد الكربون.
ويفرض القانون على الشركات الفاعلة في قطاع التبغ، بالإشارة على كل علب التبغ، إلى نسب القطران والنيكوتين، التي سيضاف إليها أول أوكسيد الكربون بموجب مشروع القانون الجديد، الذي أشير فيه، كما في القانون الساري حاليا، إلى أن النسب القصوى للمواد الكيماوية على منتجات التبغ وطرق تطبيقها ستحدد بنص تنظيمي.
وسجلت الورقة التقديمية لمشروع القانون، أن السجائر المطروحة حاليا في الأسواق بالمغرب تحتوي على نسب أعلى من القطران والنيكوتين وأول أوكسيد الكربون، مقارنة مع المعايير المعمول بها دوليا.
وتأتي أهمية وضع تلك المقاييس من كون النيكوتين في الإدمان على التدخين عبر تأثيراته العقاقرية وأول أوكسيد الكاربون يزيد في مخاطر الإصابة بأمراض القلب نتيجة التدخين والقطران يعتقد أنه يحتوي على مواد قادرة على أن تحدث أو تفاقم مرض السرطان.
مطالب بصياغة ترسانة قانونية
كشفت رشيدة المقرئ الإدريسي، رئيسة الائتلاف الوطني لمكافحة المخدرات، أن المغرب من بين الدول الأوائل التي وقعت على الاتفاقية الإطار الدولية لمنع التدخين في الأماكن العامة، حيث تبنى القانون 15.91، الذي يمنع التدخين في الأماكن العامة والإشهار والدعاية للتبغ، و الذي يحتوي على 14 مادة، غير أنه لم يفعل، خاصة في الجانب المتصل بترجمة منع التدخين في الأماكن العامة على أرض الواقع.
وأشارت إلى “التدخين يعد ظاهرة تمس مليار وثلاث مائة مليون مدخن عبر العالم. ويعد المغرب أكبر دولة متوسطية في استهلاك التبغ، حيث يستهلك المغاربة، حسب معطيات وزارة الصحة، إلى 15 مليار درهم سنويا”، مبرزة أن 13 في المائة من المدخنين هم أقل من 15 سنة، كما أن نصف المدخنين من النساء، رغم أن مراكز محاربة التدخين والعيادات الخاصة، التابعة للائتلاف الوطني لمكافحة المخدرات، ترى أن العدد أكبر من ذلك، حسب تصريح المتحدثة ذاتها.
وأفات وزارة الصحة من جهتها، اليوم الاثنين، أن نسبة المدخنين بالمغرب تبلغ 13,4 في المائة من البالغين، من بينهم 26,9 في المائة من الرجال و 0,4 في المائة من النساء(2018)، مضيفة أن نسبة انتشار التدخين بين المتمدرسين المتراوحة أعمارهم بين 13 و15 إلى 6 في المائة (2016)، فيما تتعرض حوالي 35,6 في المائة من الساكنة للتدخين غير المباشر في الأماكن العامة والمهنية.
وأبرزت رشيدة المقرئ الإدريسي، أن مادة النيكوتين والقطران هما مادتين خطيرتين، ومن أحد أقوى الأسباب المسببة للإدمان عن السجائر، حيث يتحدد نسبة استعمالهما بالمصنعين، موضحة أن المغرب عليه صياغة ترسانة قانونية تحدد النسب التي ينبغي الامتثال لها عند صنع السجائر.
نيكوتين “النشوة”
يقول الدكتور محمد البارودي، طبيب نفساني بمستشفى الأمراض العقلية والنفسية الرازي بسلا، إن “ما ينبغي أن يعلمه الناس، هو أن السجائر تعد من بين المواد المخدرة التي تفضي إلى الإدمان، عكس الاعتقاد السائد الذي يرى أن الحبوب المهلوسة أو سجائر الحشيش هي الوحيدة التي تؤدي إلى الإدمان”.
ويذهب إلى أن “السجائر تعد أخطر سم من بين الأنواع الأخرى”، مبرزا أن “بعض المدخنين يعتقدون أن السجائر هي أمر عادي ولا تؤدي إلى الادمان ولا تصنف ضمن المواد المخدرة” قبل أن يؤكد على أن “السجائر تحتل المرتبة الأولى، على المستوى العالمي، من حيث استهلاك المواد المخدرة المؤدية إلى الإدمان” .
ويشدد البارودي على أن “مادة النيكوتين التي تعتبر من المواد الكيماوية في السجائر هي التي تؤدي إلى الإدمان بالدرجة الأولى”، غير أنه يلاحظ أن “هناك فرق بين أنواع السجائر، وهذا ما يدفع البعض إلى الميل إلى استهلاك سجائر لا تحتوي على نسبة عالية من النيكوتين، في حين يفضل أخرون تعاطي سجائر ذات نسبة عالية من النيكوتين”.
ويؤكد البارودي على أنه “ينبغي التمييز بين مفهوم التعاطي وبين مفهوم الادمان، إذ لا يمكن الحديث عن حالة الادمان إلا عندما يمر الشخص من مرحلة التعاطي خلال مدة معينة، إلى مرحلة لا يصبح فيها الشخص قادرا على التحكم في الكمية التي يتعاطاها من السجائر، ويصبح مدمنا على تناول السجائر بشكل يومي وبجرعات كبيرة، قد تصل إلى استهلاك علبة كاملة من السجائر في اليوم”.
ويشير إلى أنه “في هذه المرحلة تخرج الظروف المتحكم فيها عن السيطرة ويبدأ المدخن بالبحث عن النشوة التي يجدها في النيكوتين”.
ومن جهته، كشف الدكتور ابراهيم عماري، الاختصاصي في الإدمان بمركز طب الإدمان بسلا، أن مادة القطران تعد من أخطر المواد السامة المكونة للسجائر، والمؤدية للإدمان، حيث تتسرب هذه المادة مباشرة نحو الأعضاء الرئيسية لجسم الإنسان خلال ثوان من إشعال السيجارة”.
وأبرز الطبيب أن هذه المادة المؤدية إلى الإدمان على السجائر، تعد من بين المسببات الأساسية لسرطان الرئة، وسرطان الفم وسرطان البنكرياس”.
الفيروس يتربص بالمدخنين
وبهذه المناسبة، أطلقت وزارة الصحة حملة وطنية للتحسيس بخطورة التدخين خاصة خلال الجائحة، ومنافع اتخاذ قرار الإقلاع عنه. ولهذا الغرض، أنجزت الوزارة كبسولة تحسيسية، ووصلة إذاعية، تبث على القنوات التلفزية والإذاعية وصفحات مواقع التواصل الاجتماعي، بالإضافة إلى دعائم تواصلية أخرى لنشرها على المستوى الوطني.
وأشارت الوزارة إلى أن التدخين يعد من أهم عوامل الاختطار للأمراض غير السارية، على غرار أمراض القلب والشرايين والسرطانات والأمراض التنفسية المزمنة.
وقد خلص مجموعة من خبراء الصحة العامة الذين دعتهم منظمة الصحة العالمية لمراجعة الدراسات الوبائية في 29 أبريل 2020، إلى أن المدخنين هم أكثر عرضة لمضاعفات مرض كوفيد-19 الذي يؤثر بشكل مباشر على الرئتين مقارنة مع الأشخاص غير المدخنين؛ مما يجعل الجسم أقل مقاومة لفيروس كورونا المستجد، وكذا لمسببات الأمراض الأخرى. وتشير الأبحاث الحالية إلى أن التدخين قد يزيد من خطر الإصابة بهذا المرض الخطير.