الجيل الخامس من الاتصالات الخلوية 5G.. هل من مضار محتملة؟

العاصمة بريس _ الرباط
مصطفى الشباني _ أكادير

يمثل الجيل الخامس من الاتصالات الخلوية (5G) وجهان؛ فإذا كان الوجه البرّاق هو تلك التكنولوجيا المتطورة التي ستسهل حياة المستخدمين وولوجهم للشبكة العنكبوتية، فإن بقعاً داكنة تحوم حول الوجه الآخر. تأثيره على صحة الإنسان والبيئة. كلاهما ينتصبان في طليعة المُحتجين ضد هذه الخطوة العملاقة في سيرورة التطور التكنولوجي.
الكلمة المفتاح لمخاطر “5G” الصحية هي “الحقول الكهرومغناطيسية”. هذه الأخيرة تتكون حيثما وجد تيار كهربائي، وتباين قوتها بحسب كمية استهلاك الكهرباء. تتواجد هذه الحقول في الطبيعة، فعاصفة رعدية مثلا تولد طاقة كهربائية ومغناطيسية ضخمة، لكن الكثير من الحقول الكهرومغناطيسية تولد نتيجة أنشطة بشرية، مثال على ذلك كل أجيال الإنترنت الخلوي السابقة.

حقول أكبر من طاقة استيعاب الإنسان؟

النقاش يحتدم في الوقت الراهن بين العلماء حول قوة الحقول المغناطيسية التي يولدها الجيل الخامس، فالبعض حذر من أن مستوياتها تفوق ما بوسع الإنسان احتماله، مما يشكل تهديداً بالغ الخطورة على صحته. إلا أن هذه التحذيرات لا تتجاوز، إلى حدود كتابة هذه السطور، مرتبة الفرضيات. يقول جافار كيشفاري، رئيس اللجنة الدولية للأمن الإلكترومغناطيسي: “ليس لدينا إثبات علمي جازم بأن تكنولوجيا الاتصالات اللاسلكية لها تأثير سلبي على صحة الإنسان”.

وفي تقرير للوكالة الفرنسية للترددات، فإن الموجات التي سيصدرها الجيل الخامس لن تعرض البشر لإشعاعات أكبر من تلك التي يولدها الجيل الرابع (4G)، بل إن المستويات التي تم رصدها من قبل الوكالة لا تدعو للقلق، فهي أقل من المعدلات القصوى التي تحددها فرنسا لأجل ضمان صحة الساكنة.

في وقت يذهب العالم البيولوجي السويسري، دانيال فافر، في اتجاه معاكس ويقول: “توجد، منذ عقود، أدلة دامغة على أن الموجات الكهرومغناطيسية لها تأثير على المستوى الحراري وغير الحراري على الكائنات الحية، بما في ذلك الإنسان”.

وتعد سويسرا من أوائل الدول الأوروبية في توظيف تقنيات الجيل الخامس؛ إذ نصبت البلاد أزيد من 2000 لاقط هوائي من أجل انتشار شبكة الجيل الخامس؛ إلا أن إطلاق الخدمة تعرض لضربة مكبح، بحيث أوقفت مجموعة من الكانتونات السويسرية العمل بها خشية المخاطر الصحية للإشعاعات الكهرومغناطيسية.

ويؤكد مجموعة من السويسريين في مناطق أطلقت الخدمة، مثل مدينة نيون، أنهم باتوا يعانون اضطرابات جمة وصعوبات في النوم. وشعر آخرون بارتعاش في خفقان القلب، قبل أن يكتشفوا وجود لواقط للإنترنت “5G” على بعد أمتار قليلة من مساكنهم.

خبر تعيس للبيئة؟

أطلق عضوان من مجمع التفكير (think tank) المسمى “The Shift Project” والذي يناضل في سبيل اقتصاد محرر من الكربون، عريضة احتجاجية ضد الجيل الخامس.

فإذا كان النقاش جارياً حول الانفجار الذي ستخلفه “5G” على مستوى استهلاك الطاقة، وما لذلك من آثار سلبية على البيئة، فإن الخبراء يكادون يجزمون بأن الجيل الخامس سيدفع المستهلكين إلى تجديد هواتفهم بوتيرة أسرع من السابق. مما يعني زيادة كبيرة على مستوى النفايات الإلكترونية التي تعد من أبرز التحديات البيئية في الزمن الحالي.

وسيتطلب الانتقال إلى الجيل الخامس إنتاج المزيد من المعدات الشبكية (Réseau)، “ما سيؤدي إلى إنهاك الموارد غير المتجددة مثل الماء والطاقات الأحفورية، وتلويث المياه بل تدمير الأراضي بسبب عملية استخراج المعادن. كما سيؤدي هذا النشاط الصناعي إلى إفراز غازات دفيئة في الهواء، والمساهمة بالتالي في مفاقمة الاحتباس الحراري”، يؤكد فريديرك بورداج، مؤسس منظمة “Green IT” البيئية.

فرانك بويتار، مدير الفرع الفرنسي لشركة “إيريكسون” السويدية، أكد، من جهته، أنه “لا توجد علاقة بين سرعة تدفق البيانات، (التي سيرفعها الجيل الخامس)، وبين استهلاك الطاقة. فقد انتقل تدفق البيانات من صفر إلى 2500 مليون تيرا أوكتي (كل تيرا أوكتي تساوي ألف مليار أوكتي) عام 2018. صحيح أن استهلاك الطاقة زاد كذلك، ولكن بنسب ضئيلة للغاية… نحن نسعى لجعل تدفق البيانات دون أضرار على البيئة”، يختم المسؤول بإحدى أهم الشركات المستثمرة في المجال…




شاهد أيضا
تعليقات الزوار
Loading...