إعادة بناء السلطة ، نحو نموذج حديث يعزز الحكامة وإحترام حقوق الإنسان

العاصمة بريس /الرباط

بقلم : الحسين بكار السباعي

في ظل التحديات الإجتماعية والإقتصادية الراهنة، التي تتجلى في الإرتفاع المهول للأسعار وتفشي البطالة، يصبح تدبير السلطة مسؤولية دقيقة تتطلب موازنة دقيقة بين إحترام القانون وضمان كرامة المواطنين. فالمؤسسة السلطوية ليست فقط جهازا لتنفيذ القوانين، بل ينبغي أن تكون في خدمة المواطن، تعمل على تأمين حقوقه وحمايته من التعسف، وتجنب أي ممارسات قد تؤدي إلى إحتقان إجتماعي غير محسوب العواقب.

وعليه، فإن أي تهور في إستعمال السلطة ، خارج إطار الحكامة الرشيدة ، قد يزيد من تفاقم الأوضاع، مما يستوجب تبني مقاربة حديثة تجعل من احترام حقوق الإنسان ، والحفاظ على كرامة المواطن جوهر أي تدخل لرجال السلطة.

رجل السلطة ، هذه المؤسسة التي تعد من أكثر الأجهزة حساسية في النسق الإداري والسياسي والاقتصادي والاجتماعي والثقافي المغربي، لما لها من دور مركزي في تنفيذ السياسات العامة والقطاعية، وضمان الأمن والإستقرار والتنمية، والسهر على تطبيق القوانين وحفظ النظام العام، بما يشمل الصحة والسلامة والطمأنينة والسكينة الإجتماعية.

فرغم الأهمية التي تعرفهاهذه المؤسسة، غير أنها تظل موضع جدل ونقاش مجتمعي وسياسي مستمر ودائم ، خاصة في ظل التحولات العميقة التي يشهدها مفهوم السلطة والمتغيرات المتسارعة على كل المستويات الاجتماعية والاقتصادية والثقافية التي يعرفها المجتمع المغربي . ودون الرجوع إلى تحديد مفاهيم مؤسسة رجل السلطة إلا أنها اليوم تعرف تحد كبير وهو ضرورة ربطها بالحكامة الجيدة والمقاربة التشاركية وإحترام حقوق الإنسان، مما يفرض تحديات جديدة على رجل السلطة تستدعي إعادة النظر في دوره وتكوينه وتفاعله مع المجتمع ، ليكون مؤهلا لكل تدبير عصري للسلطة.

ورغم التحديات العديدة التي يواجهها رجل السلطة و ضغوطات العمل المتزايدة، والتي تجعله وجها لوجه مع عموم المواطنين وتفرض فيه ضبط النفس والحكمة في مواجهة من هم في وضعية غير سليمة مع القانون ،في مثل حالات تنفيذ قرارات إدارية كعمليات الإفراغ، محاربة البناء العشوائي، تنظيم الباعة الجائلين، أو تحرير الملك العمومي. ففي ظل هذه الضغوط والتحولات، بات من الضروري إعادة النظر في مفهوم رجل السلطة، ليكون أكثر ديناميكية وانفتاحا على المجتمع، دون المساس بمبدأ الحزم في تطبيق القوانين.

إن التحولات الراهنة التي يعرفها المجتمع المغربي وفي عصر سرعة إنتقال المعلومة ، أصبحت تستلزم إعادة النظر في مؤسسة رجل السلطة وفق مقاربة تدبيرية شمولية ،تستحضر ضرورة حماية حقوق الإنسان في مفهومها الشامل والموازنة بينها وبين الإحترام الواجب والإمتثال لمن أسند المشرع حماية ونفاد القانون ومنهم رجل السلطة بمايضمن احترام الإطار القانوني والحقوقي لمهامه.

ختاما، السلطة في خدمة المواطن، ليس مجرد شعار يردد أو يعلق على مكاتب مختلف مصالح وادارات وزارة الداخلية ،بل تجسيد لمسؤولية متبادلة بين المواطن ورجل السلطة ،مسؤولية قائمة على سيادة القانون وحماية كرامة المواطن ، دون أن تكون سببا في الشغب أو العصيان، بل شعار سام يعكس ملاءمة مبادئ حقوق الإنسان في إعمال نفاد القانون وأساس لترسيخ إستقرار ونماء المجتمع .




شاهد أيضا
تعليقات الزوار
Loading...