مسار الأمازيغية: من الكفاح إلى التفعيل

العاصمة بريس/الرباط
السعودي لعمالكي

منذ أن تم تكريس الأمازيغية في القانون الأساسي عام 2011، ظلت مقيدة بأغلال صلبة، وضعها أمامها ما يُعرف بـ”القومية العربية” المعادية لنهضتها. هذا التعطيل المزمن أجهض الحماس الذي نشأ حول اللغة والثقافة الأمازيغية، والتي بدأت جذورها الأولى في قلب الحركة الوطنية الأمازيغية منذ عقود طويلة.

في هذا السياق، نستحضر الكفاح المستمر الذي خاضته المناضلات والمناضلون في سبيل القضية الأمازيغية في مختلف مناطق المغرب. وبدعم من مواقف سياسية واضحة وصريحة لبعض الأصوات المؤمنة، واصل النشطاء مواجهاتهم بأساليب شجاعة ومتنوعة. لم تكن الطريق سهلة، حيث واجهتهم جيوب مقاومة من “العروبية” المتعصبة التي كانت تعارض هذا الحق المشروع بشراسة.

وفي هذا الصدد، نتذكر على سبيل المثال مسار “جمعية الجامعة الصيفية بأكادير” في بداية الثمانينات. فقد كانت لقاءات متتالية لأنصار الأمازيغية، باعتبارها مكوناً لا يتجزأ من الهوية الوطنية، تُعقد في عاصمة سوس، حيث تم نقاش قضايا جوهرية أثارت اهتمام المدافعين المتحمسين عن الأمازيغية على اختلاف توجهاتهم. كانت تلك اللحظات مليئة بالزخم الثقافي والسياسي، حيث اجتمع فيها نخبة من المثقفين، القانونيين، الخبراء في العلوم الإنسانية، والفنانين.

أظهرت تلك الأنشطة رغبة عميقة في تأكيد الهوية الأمازيغية، وأثمرت عن مطالب قانونية تميزت بالهدوء، الوئام، والوعي الجماعي. لقد كانت بالفعل محطات تاريخية في المسار الشاق لنيل حق تطمح إليه جماعة متكاملة وغير قابلة للتجزئة.

كان الشعار المركزي لتلك الجهود الناجحة، “الوحدة في التنوع”، يتمتع بقدرة استثنائية على جذب الديمقراطيين من مختلف أطياف المجتمع، سواء الناطقين بالأمازيغية أو بالعربية.

واليوم، تحقق إنجاز كبير بإضفاء الطابع الرسمي على اللغة الأمازيغية. ورغم أن المعركة قد انتصرت على العقليات الإقصائية، إلا أن “الحرب” لم تُحسم بعد، كما يُقال بلغة الكفاح. لا يزال هناك الكثير لتحقيق الجولة الثانية، إذ رغم استمرار وجود الجامعة الصيفية وهياكل أخرى، فإن الوتيرة قد تراجعت كثيراً.

لذلك، يجب استلهام روح الماضي المجيد واستعادة الزخم، ربما من خلال جبهات جديدة، للضغط على صناع القرار وحثهم على تفعيل السياسات والمتطلبات التقنية واللوجستية لترجمة هذه المكتسبات إلى واقع ملموس.




شاهد أيضا
تعليقات الزوار
Loading...