سوريا بين سقوط الطغيان وتحديات المستقبل

العاصمة بريس/الرباط
بقلم ..سعودي العمالكي

سوريا، هذا البلد الجميل في بلاد الشام، يتلاشى بين أيدي المتمردين المسلحين. رئيسها فرّ هاربًا دون أن يترك أي أثر لمكان وجهته، بعد أن تخلّى عنه داعموه. إنه نظام ديكتاتوري ورث السلطة عن الأب، محولاً البلاد إلى مملكة وراثية عبر استبداد قيصري. وعلى مدار 54 عامًا، من الأب إلى الابن، زرع النظام السوري القمع الساخر بين صفوف شعبه الممزق، تاركًا المجال مفتوحًا للمفترسين الأجانب المتربصين.

بمرور الوقت، فقدت سوريا سيادتها لصالح حسابات جيوسياسية أخرى في المنطقة، مثل روسيا وإيران، حيث كان “المدعوم” مجرد دمية في لعبتهم المروعة. ونتيجة لذلك، لجأ الشعب السوري إلى الهجرة نحو آفاق أخرى في مختلف أنحاء العالم. لاجئون متناثرون يطوفون الشوارع بحثًا عن لقمة العيش، هذا ما خلفه الحاكم الهارب لشعبه خلال فترة حكمه الاستبدادي.

طوال فترة سلطته، زرع الفوضى في بلاده، وأجج التوتر في لبنان والعراق والأردن، ودبّر المؤامرات بين دول المنطقة. واليوم، ينهار نظام البعث السوري كأنه قصر من الرمال، كما حدث في ليبيا واليمن وتونس… حيث سحق هؤلاء الحكام شعوبهم دون رحمة وأقاموا علاقات عدائية مع جيرانهم.

إذا كان هناك نظام يشعر بالقلق من سقوط النظام السوري، فهو النظام الجزائري، الذي كان الطاغية المخلوع ينسق معه باستمرار لإثارة الفتن في المناطق المجاورة، خاصة فيما يتعلق بوحدة المغرب الترابية. ومع ذلك، فإن الأنظمة العسكرية والتوتاليتارية، مثل الجزائر، مصيرها السقوط، لأن المجتمع الدولي يدرك خداعها من جهة، ولأن شعوبها تنتفض ضد استبدادها من جهة أخرى.

فقدت المؤسسة العسكرية الجزائرية شريكًا أخيرًا يدعم أطروحتها الوهمية، وستواجه بلا شك المصير ذاته. ومع ذلك، فإن الشعوب التي تستعيد حريتها غالبًا ما تفشل في استعادة الاستقرار وإعادة بناء الديمقراطية والتنمية. حالات الدول المذكورة آنفًا تبرز هذا الواقع، حيث وصل الأمر ببعضها إلى الندم على ثوراتها.

لا يكفي إسقاط نظام جمهوري فاسد، بل يجب تأسيس مؤسسات موثوقة بمشاركة فعّالة من الشعب. والآن، جاء دور الشعب السوري لاستعادة استقراره ومجده!




شاهد أيضا
تعليقات الزوار
Loading...