الثَّرَاءُ الْمُدَنَّس

الثَّرَاءُ الْمُدَنَّس

انْتَفَضَ…
مُهَاجِرٌ سِرِّيٌّ يَرْغِي
وَاللُّعَابُ …
يَتَطَايَرُ مِنْ فَمِهِ
يَشْهَقُ شَهِيقًا
لا يَدْري…
أَيَجْلِسُ؟
أَمْ يَبْقى…
عَلى حَالِه
مُتَرَنِّحا واقِفا
يَصْرُخُ …
يَتَوَعَّدُ
قَالِبًا رَأْسًا عَلَى عَقِبٍ
مَنْطِقًا وَحَقِيقَةً
يَنْتَحِبُ حِينًا
وَحِينَا … يَنْتَفِضُ
وَيَنْعِقُ نَعِيقًا
سَأَهِيمُ عَكْسَ التَّيَّارِ
أَشَقُّ الْأَفَاقَ
أَخْتَرِقُ الْغُيُوم
أَمَزقُ الْأَمْوَاجِ تَمْزِيقًا
أَكتسح …
مَا يداهمني مِنْ ضَبَابٍ
أطأ الْكَوَاكِبَ وَالنُّجُومَ
وَأَجْتَثُّ مَصِيرًا
كَانَ مُعِيقًا
وَ أَبَدًا لَنْ أَخُون
سَأَعُودُ
نَعَم سَأَعُودُ …
إِلَى وَطَنِي
إِنْ قَدَّرَ اللَّهُ وَشَاء…
عَلَى صَهْوَةِ
بِسَاطٍ نَاصِعِ الْبَيَاضِ
أَسَابِقُ الرِّيَاحَ…
أَخْتَرَقُ الشُّهُبَ
حُرًّا طَلِيقًا
أَجْوَبُ …
الدُّرُوبَ وَالْأَرْجَاءَ
أَنُطُ هُنَا وَهُنَاكَ
كٌنَطَّ الظِّبَاءِ
جَمِيلَ الْقَوَامِ
مرفوع الرَّأْسِ …
مَمُشَوْقًا
أَلْوِي لِسَانِي كَبْبَغَاءٍ
أُحْسِنُ مِن لَكْنَنِي
أَزِيَدُهَا تَنْمِيقًا
يَفُوحُ عِبْقُ عِطْرِي
طِيبَ مِسْكٍ
قَرَنْفَلّ وَيَاسَمِينَ
فَأَغْدُو…
عَفِيفًا مَرْمُوقًا
لَنْ أَبْخَل
أَبَدًا لَنْ ابْخَل
سَأَهِبْ الْهِبَات
وَأَجْزِلٌ الْعَطَاءَ
كُلَّمَا سَلَكْتُ طَرِيقًا
يَتَذَكَّرُنِي الصَّغِير…
قَبْلَ الْكَبِير
فَيَتَمَنَّوْنَ لِي التَّوْفِيقًا
لِأَجْلِ كُلِّ هَذَا
سَأُقَارِعُ …
السَّرَّاءَ وَالضَّرَّاء
أَصَارِعَ جَوَارِحَ
الْأَرْضِ وَالسَّمَاء
وَكَوَابِيسَ …
الْعُبُورِ السَّحِيقَا
قد أَرْمِيَ جسدي هذا
بِلَا خِزْيٍ وَلَا حَيَاء
بَأرداف عَجُوز شَمْطَاءٍ
أَكُونُ لَهَا…
عَبْدًا مَعْشُوقًا
أو أَيَّ أَجْنَبِيَّةٍ
كَيْفَمَا كَانَتْ
بَلَهَاءَ خَرْقَاءَ …
قَبِيحَةً مُشَوَّهَةً
عَمْيَاءَ …
أَوْ صُمَّاءَ
حَتَّى لَوْ كَانَت
مُحْتَرِفَةً الْبِغَاء
سَأُحِبُّهَا حُبًّا صَدُوقًا
أَتَجْرَعُ الذُّلّ
الْهَوَانَ
أَدْوَسُ الْكِبْرِيَاء
أَرْتُمِي بحُضْنِهَا مَصْعُوقًا
سَأَلْتَحِفُ جِلْدَ حِرْبَاءٍ
أَجْلِدُ ذاتي
أَتَنَكَّرُ لِهَوِيَتي
لِتُلامِسَ روحي الشُروقا
انْتِقَامًا
لِكَدَماتِ وَقُروحِ الجَسَد
لْمَآسِ لا تُحْصى…
ولا تُعَد
لأَوْجَاعِ حَيَاة …
ليس لها حٌد
فَلا مَنْ يَمْسَحُ
دَمْعا على الخد
لا قلبا شفوقا
لِكُلِّ مَنْ عَاش …
مَقْهُورًا مَدْلُولًا …
يُنَاشِدُ الْبَثُوقَا
لِكُلِّ أُمٍّ مَكْلُومَةٍ …
فَقَدَتْ فَلْدَةَ كَبِدِهَا
لِمَنْ أَلْتَهَمْتُهُ …
الْأَمْوَاجُ الْهَوْجَاء
غَشَتْهُ قَشَّةٌ …
فَمَاتَ مَخْنُوقًا
مَنْ يَبْحَثُ عَنْ لُقْمَة …
عَيْشٍ نَظِيف…
بِأَرْضِ الْغُرَبَاءِ
وَأَوْرَاقُ هُوِيَّتِهِ…
مَحْرُوقَةٌ
لِأَجْلِ الظُّلْم …الْقَهْر…
التَّهْمِيشِ…وَالتَّعَسُّفِ
وَالْحُقُوقِ الْمَزْهُوقَة
إِلَى أَنْ تَشِعَّ …
شَمْسٌ وَطَنِيٌّ
وَيَنْقَشِعُ الْكُسُوفُ
بِمَا لَمْ نَعْهَدْهُ يوما
و مَا لَمْ يَكُنْ …
مَسْبُوقًا
تأليف : مينة عضار / المغرب
من ديوان : شموع تذرف الدمع