أخلاق مهنة التعليم والتحديات في منظومتنا التربوية

العاصمة بريس
بقلم عبدالله إكي ..باحث تربوي

تعتبر المؤسسات التعليمية بيئة تنشط فيها وتتعامل جماعات بشرية متعددة، تشمل هيئة الإدارة التربوية، هيئة التدريس، والمتعلمين. كما أن هذه الجماعات تتفاعل مع محيطها، خصوصًا مع أسر المتعلمين. لضمان أداءٍ متميز، وضعت هذه الجماعات قواعد سلوك تحافظ على الصالح العام وتفرض احترامًا متبادلاً. لكن الواقع داخل المؤسسات التعليمية غالبًا ما يختلف عن هذه المعايير.

إن الحديث عن قواعد السلوك يتجاوز القيم مثل المواطنة والإخلاص والانضباط، ليشمل التجاوزات والانحرافات التي تسيء لسمعة المنظومة التربوية. فمهمة المدرس لا تقتصر على نقل المعرفة، بل تتعلق أيضًا ببناء شخصية المتعلم من خلال سلوكه كمربي.

من أهم المبادئ التي يجب على المدرس الالتزام بها هو مبدأ تكافؤ الفرص، الذي يعد أساسًا من أسس المنظومة التربوية. ويجب أن يعمل المدرس على ضمان مساواة جميع المتعلمين في التعليم، مما يتطلب منه فهم احتياجاتهم الفردية ومساعدتهم في تجاوز الصعوبات.

لكن، منذ عدة سنوات، أصبح مبدأ تكافؤ الفرص مهددًا بسبب زيادة ثقافة الدروس الخصوصية. ورغم أن أولياء الأمور يطلبون هذه الدروس لأبنائهم، فإن ضغط المدرسين على المتعلمين للالتحاق بها يثير القلق. هذه الظاهرة أصبحت تتجذر في النظام التعليمي، مما يهدد نبل وظيفة المدرس ويعزز الفوارق التعليمية.

هذا الوضع، الذي يتعارض مع مبادئ المنظومة التربوية، يؤدي إلى عدم توازن في التحصيل الدراسي، حيث تتمكن الأسر الميسورة من الحصول على هذه الدروس، بينما تبقى الأسر ذات الدخل المحدود في وضعية حرجة. وهكذا، يصبح التعليم العمومي مشروعًا للجميع، بينما التعليم الخصوصي يقتصر على القادرين.

للحد من هذه الظاهرة، يجب علينا الاعتراف بأن أسبابها معقدة وتتطلب معالجة شاملة من جميع الأطراف: المنظومة التربوية، المعلمين، المتعلمين، الأسر والمجتمع. كما أن أداء المنظومة التربوية يحتاج إلى تحسين، مما يستدعي تحسين تكوين المدرسين وتكييف التعليم مع احتياجات المتعلمين.

إن التعامل مع هذه الإشكالية يتطلب جهودًا من الجهات المسؤولة، ويجب أن يتم التفكير في حلول تشمل زيادة أجور المدرسين وتحسين ظروفهم، وكذلك اعتماد التكنولوجيات الحديثة في التعليم.

في النهاية، يجب أن ندرك أن التحديات الحالية في المنظومة التربوية تتطلب تعاونًا جماعيًا لمعالجتها وتطوير التعليم بما يتماشى مع حقوق جميع المتعلمين.




شاهد أيضا
تعليقات الزوار
Loading...