“الهجرة أو المو_ت: فشل حكومي يدفع شباب المغرب نحو المجهول!”

العاصمة بريس /الرباط

منير نافيع/العيون

في ظل مشهد سياسي واقتصادي متأزم، أصبح من الضروري أن نتساءل عن الدور الحقيقي الذي تلعبه الحكومة المغربية في مواجهة التحديات المتزايدة التي تعصف بالشعب، وعلى رأسها الغلاء المعيشي والاستنفار غير المسبوق للشباب، وخاصة القاصرين. في وقت كان من المفترض أن تكون الحكومة هي المحرك الرئيسي للتغيير، نجد أن المسؤولين في واد اخر، منشغلين بحفلات واجتماعات حزبية تخدم مصالحهم الشخصية وتبعدهم عن الواقع المرير الذي يعيشه المواطنون.

ما يثير الدهشة هو أن الأجهزة الأمنية أصبحت اليوم هي المسؤولة عن تأطير وتوجيه الشباب والأطفال، وهو دور كان من المفترض أن تلعبه الحكومة. فقد تحول الأمن، بمهامه الأمنية، إلى معلم وموجه في غياب شبه كامل لسياسات حكومية واضحة تستهدف توجيه وتربية الأجيال الصاعدة. هنا يبرز السؤال: كيف وصلت الأمور إلى هذه الدرجة من الإهمال؟ وهل أصبح دور الحكومة مقتصرا على إطلاق الوعود الزائفة والخطابات السياسية دون أن تتحرك لتقديم حلول ملموسة؟

الجواب يبدو جليا في واقع الحال؛ فالحكومة التي تتبنى شعارات فارغة وتطلق وعودا جوفاء تعاني من انفصال تام عن الشعب. رئيس الحكومة، الذي يفترض أن يكون قائد التغيير، انشغل بالاحتفالات الخاصة بالحزب والاجتماعات الداخلية، متجاهلاً الأزمة الحقيقية التي تضرب أساسات المجتمع.

في ظل هذا الفشل الحكومي، لم يعد لدى الشباب خيار سوى الهجرة السرية. أصبح البحر هو الوجهة الأخيرة للكثيرين منهم، حيث يلقون بأنفسهم في رحلة محفوفة بالمخاطر بحثاً عن حياة كريمة بعيداً عن الفقر والبطالة. المشهد صار أكثر تراجيدية مع ارتفاع أعداد القاصرين الذين يغامرون بحياتهم هرباً من واقع اجتماعي واقتصادي متهالك، وهو ما يطرح تساؤلات حول مدى خطورة هذا الاستنزاف البشري وتهديده لمستقبل البلاد.

الأمر الأكثر إيلاما أن هؤلاء الشباب، الذين من المفترض أن يكونوا دعامة للوطن، أصبحوا يشعرون بالكره تجاه بلدهم. هذه الحقيقة الصادمة تعكس إلى أي حد بلغ الفشل الحكومي في التعامل مع مشاكلهم. الحكومة، بدل أن تستجيب لمعاناتهم وتوفر لهم فرص العيش الكريم، أصبحت تتجاهل استغاثاتهم وتظل منشغلة بخطاباتها المتكررة ووعودها الكاذبة.

أصبح من الضروري أن تعيد الحكومة النظر في سياساتها وتبدأ في التعامل بجدية مع الأزمات المتفاقمة. فاستمرار هذا النهج سيؤدي إلى كارثة وطنية، حيث أن هجرة الشباب والقاصرين تهدد بخسارة أجيال بأكملها. الوطن لا يمكن أن يبنى على شعارات فارغة أو خطابات زائفة، بل يتطلب سياسات حقيقية ومبادرات ملموسة تستهدف دعم الشباب وتأطيرهم بشكل سليم.

على الحكومة أن تتخذ خطوات جادة لإصلاح الأوضاع المتردية والعودة إلى دورها الحقيقي في حماية الوطن وخدمة شعبها. فالوطن يحميه فقط شباب المستقبل، هؤلاء الشباب الذين لم يجدوا اليوم سوى الهجرة كحل أخير، بعد أن فقدوا الثقة في الحكومة وسياساتها.

إن الوطن بحاجة إلى حكومة مسؤولة، حكومة تشعر بمعاناة شعبها وتتصرف على أساسها، وليس إلى حكومة منشغلة بمصالحها الشخصية وخطاباتها الجوفاء. على المسؤولين أن يدركوا أن الوطن ليس مجرد شعارات ترفع في المناسبات، بل هو شعب بحاجة إلى الرعاية والاهتمام. الوقت لم ينفد بعد، ولكن إذا لم تتحرك الحكومة الان، فقد نجد أنفسنا أمام أزمة أكبر لن نستطيع تجاوزها.




شاهد أيضا
تعليقات الزوار
Loading...