ظاهرة التسول : بين الحاجة الحقيقية والاحتيال واستغلال المجتمع وتأثيرها على السياحة

العاصمة بريس
مصطفى اشباني..أكادير
تعتبر ظاهرة التسول في المجتمع المغربي من الظواهر التي أثارت قلقا كبيرا خلال السنوات الأخيرة حيث لم يعد التسول مقتصرا على المحتاجين فقط، بل أصبح في بعض الأحيان وسيلة للاحتيال وجمع الثروات بطرق غير مشروعة. ولعل الحادثة الأخيرة في مدينة سطات، التي كشفت عن متسولة تملك 5 كيلوغرامات من الذهب، وسيارة فارهة، وحسابا بنكيا يحتوي على 20 مليون سنتيم، كل ذلك من التسول في مدن مثل برشيد والدار البيضاء، تبرز الجانب المظلم لهذه الظاهرة.
لا تقتصر تداعيات هذه الظاهرة على الجوانب الاجتماعية والاقتصادية فقط، بل تؤثر بشكل كبير على قيم التكافل الاجتماعي. استغلال المتسولين لعاطفة الناس يؤدي إلى تراجع الثقة في الفئات المستحقة، ويعرقل المساعدات الإنسانية الموجهة للفقراء والمحتاجين. عندما تصبح الثروة هدفا للبعض من خلال التسول، يختلط الحق بالباطل، مما يزيد من صعوبة تمييز من هم حقا بحاجة إلى الدعم.
إضافة إلى التأثير السلبي على المجتمع المحلي، يمكن أن تكون هذه الظاهرة لها انعكاسات خطيرة على السياح الأجانب. السياح الذين يزورون المغرب من مختلف أنحاء العالم قد ينظرون إلى المتسولين بعين الريبة، خاصة إذا شاهدوا أمثال هذه الحالات التي تثبت أن التسول قد يصبح تجارة مربحة للبعض. عندما يرى السائح هذا الاستغلال الواضح، فإنه قد يشعر بالخداع، ويعطي انطباعا سلبيا عن البلد ككل.
السياحة تعد من الركائز الأساسية للاقتصاد المغربي، والظواهر السلبية مثل التسول تؤثر سلبا على صورة البلد. المتسولون، خاصة في المناطق السياحية، قد يتركون انطباعا سلبيا لدى الزوار الأجانب، مما يدفعهم إلى الاعتقاد بأن البلاد تعاني من فقر مدقع أو أن المجتمع يتسامح مع هذه الممارسات. وقد يؤدي ذلك إلى تراجع رغبة السياح في زيارة المغرب، ما يمثل خسارة كبيرة للقطاع السياحي.
في مواجهة هذه التحديات، يصبح التدخل الحكومي ضروريا لحماية المجتمع وصورته أمام السياح.
و من بين أبرز الإجراءات التي يمكن اتخاذها:
فرض قوانين صارمة على التسول غير المشروع حيث يجب تفعيل التشريعات التي تعاقب التسول الاحترافي، خاصة في المناطق السياحية.
حملات توعية للسياح والمواطنين و توجيه السياح حول كيفية تقديم المساعدة للفئات المستحقة والتوعية بخطر التسول الاحتيالي.
تعزيز الأمن والنظام في المناطق التي يتواجد فيها السياح لضمان تجربة إيجابية وخالية من المضايقات.
وتعزيز العمل الاجتماعي والاقتصادي من خلال تقديم برامج اقتصادية واجتماعية تستهدف الفئات الهشة لتقليل معدلات التسول بشكل عام.
ظاهرة التسول لا تؤثر فقط على تماسك المجتمع المغربي، بل تشوه كذلك صورته أمام العالم الخارجي. ومع ظهور حالات احتيالية تستغل التسول كوسيلة لجمع الثروات، يصبح التدخل العاجل ضرورة لضمان حماية المواطنين والسياح على حد سواء. العمل المشترك بين السلطات والمجتمع يمكن أن يساهم في القضاء على هذه الظواهر السلبية وبناء صورة أكثر إيجابية للبلد.