عودة المسؤولين: هل ينتصر صوت الوطن أم تعلو همسات الفساد؟”
العاصمة بريس الرباط
العيون – منير نافيع
مع نهاية العطلة الصيفية، يعود المسؤولون إلى مكاتبهم بعد أيام من الاستجمام والاسترخاء، محملين بآمال جديدة وتحديات أكبر. ولكن في أذهان المغاربة، سؤال واحد يسيطر: هل سيعود هؤلاء المسؤولون بروح وطنية صادقة لتصحيح المسار؟ أم أن شهوة الفساد والاختلاس ستظل هي الحافز الحقيقي خلف الكواليس؟
الفساد، ذلك العدو الخفي الذي ينخر في جسد المؤسسات، يبدو كأنه لا يغيب عن المشهد. سنوات طويلة والمغاربة يشهدون تكرار نفس السيناريوهات: مشاريع وهمية، شعارات رنانة، وتصريحات جوفاء. بينما في الواقع، الأموال العامة تُنهب، والبلاد تدفع الثمن غاليًا. وكأنما الفساد أصبح رفيقًا دائمًا لبعض المسؤولين الذين يجدون في مقاعدهم فرصة للإثراء غير المشروع، بينما تتعطل مصالح المواطنين وتتراكم الأزمات.
اليوم، المغاربة أكثر وعيًا وجرأة في مواجهة هذه الظاهرة. هم ليسوا مستعدين لقبول أي تهاون أو عبث بأموالهم وحقوقهم. عودة المسؤولين إلى مكاتبهم ليست مجرد روتين إداري، بل هي امتحان حقيقي لمصداقيتهم وجديتهم في خدمة الشعب. هل سيتجدد العزم على تصحيح المسار أم أن الجشع سيطغى مرة أخرى؟
الإعلام، بصوته الجريء، يقف مترقبًا. لن تكون هناك فرصة لتمرير الألاعيب خلف الكواليس كما كان في السابق، فقد باتت عيون الصحافة الوطنية ساهرة على كشف كل صغيرة وكبيرة. المسؤولون اليوم مطالبون بالشفافية المطلقة، وإثبات حسن النية في التعامل مع ملفات الفساد. أي محاولة للعبث أو التغطية على الاختلاسات لن تمر دون محاسبة، ولن يكون هناك غطاء يحمي الفاسدين من المساءلة.
الحكومة أيضًا في دائرة الضوء. لم يعد مقبولاً أن تكتفي بالبيانات الفضفاضة والشعارات الرنانة. الشعب ينتظر أفعالاً حقيقية على الأرض، إجراءات صارمة لمحاسبة الفاسدين، وإصلاحات جوهرية تعيد الثقة في مؤسسات الدولة. إذا كانت النوايا صادقة في الإصلاح، فلا بد من تعزيز آليات الرقابة وتفعيل دور الجهات المسؤولة عن حماية المال العام.
اليوم، المسؤولون أمام منعطف حاسم. إما أن يعودوا بروح جديدة تليق بالمسؤولية التي يحملونها، أو أن يستمروا في دوامة الفساد التي لن ترحمهم. المغاربة يقفون على أعتاب مرحلة جديدة من الوعي والمسؤولية، وهم على استعداد كامل لمحاسبة كل من يتجرأ على العبث بمستقبلهم.